برنارد لوغان يكتب: مسألة حدود الجزائر تفرض نفسها بعد الإفراج عن بوعلام صنصال
بعد أن استعاد الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال حريته، سيحين وقت إجراء حصيلة سياسية وتاريخية لعملية احتجازه. القضية الترابية، التي ظلت حتى الآن من المحرمات داخل الجزائر، أصبحت الآن مطروحة بل ومطروحة بوضوح.
أخيرا تم الإفراج عن بوعلام صنصال. فبعد أن تراكمت الإخفاقات الدبلوماسية، ورغم سلوك النظام الجزائري الانغلاقي، أدرك هذا الأخير أن احتجاز الكاتب الفرنسي الجزائري أضر بصورة الجزائر التي ازدادت عزلة. فقد أساء اعتقاله لصورة البلاد على الصعيد الدولي، خاصة أمام البرلمان الأوروبي، حيث فشل اللوبي الجزائري في منع التصويت بالإجماع على قرار يطالب بالإفراج عنه.
والآن، بعد أن استعاد بوعلام صنصال حريته، سيحين وقت تقييم الأبعاد السياسية والتاريخية لاحتجازه. فاعتقاله كان، دون شك، رد فعل انفعاليا من الجزائر على التغير الواضح في الموقف الفرنسي بشأن قضية الصحراء. لكن الأهم أن الكاتب كسر أحد «الطابوهات» التي تقوم عليها الرواية التاريخية المصطنعة للجزائر منذ عام 1962.
لا ننسى أن السلطات الجزائرية بررت سجن بوعلام صنصال بتصريحه لصحيفة فرنسية في 2 أكتوبر 2024، حين قال: «عندما استعمرت فرنسا الجزائر، كانت كل المنطقة الغربية من الجزائر جزءا من المغرب».
بهذا التصريح، طرح صنصال علنا القضية الترابية التي تقف في صلب أزمات المغرب الكبير. إنها مسألة وجودية بالنسبة لجزائر تشكلت بطريقة تجميعية، كما أوضح ذلك كريم سراج وجيلالي العدناني بشكل لافت في مقالاتهما عبر موقع Le360. فقد جرى اقتطاع أجزاء واسعة من المغرب وتونس وليبيا لصالح الجزائر الفرنسية التي ورثتها الجزائر المستقلة اليوم. ورغم اعتراض بنجامين ستورا الذي اعتبر أن تصريح صنصال «يمس الشعور الوطني الجزائري»، فإن التاريخ يبقى تاريخا، وهو ما يبدو أن المؤرخ الفرنسي نسيه.
«المفارقة أن الجزائر التي تطالب باستفتاء غريب لصالح ما تسميه «الشعب الصحراوي»، رفضت دوما وبشكل حاسم طرح أي استفتاء على سكان توات وتيديكلت وقورارة والساورة وتندوف وبشار وتبلبلة لتحديد انتمائهم الوطني. كما رفضت الأمر نفسه بخصوص مطالب إجراء استفتاء في منطقة القبائل.»
القضية الترابية، التي كانت إلى وقت قريب من المحرمات في الجزائر، أصبحت اليوم مطروحة بوضوح. فبعد التقسيمات الاستعمارية، رُسمت حدود الجزائر التي ولدت عام 1962، كوارثة واضحة للجزائر الفرنسية. غير أن السلطات الجزائرية ترفض الاعتراف بأن مناطق توات وتيديكلت وقورارة والساورة وتندوف وبشار وتبلبلة كانت تُدار من قبل قياد يعينهم سلطان المغرب قبل الحقبة الاستعمارية. فقد جرى تفكيك المغرب حينها وانتهاك حقوقه التاريخية، سواء شرقا نحو الجزائر الحالية أو جنوبا حيث انطلقت آخر حركات المقاومة ضد الاستعمار بقيادة ماء العينين والهيبة.
وماذا عن تلمسان التي كانت أربع مرات تابعة للمغرب؟ قبل الغزو العثماني سنة 1553، كانت تلمسان مغربية تحت حكم الأدارسة (بين 790 و931)، ثم المرابطين (بين 1078 و1143)، ثم الموحدين (بين 1143 و1236)، ثم المرينيين (بين 1337 و1358). ويمكن توسيع المثال ليشمل غرب الجزائر كله، إذ كتب لاموريسيير سنة 1831، متحدثا عن الارتباط الروحي والسياسي لسكان المنطقة: «في وهران، يدعون لملك المغرب في صلواتهم».
المفارقة أن الجزائر التي تطالب باستفتاء غريب لصالح ما تسميه «الشعب الصحراوي»، رفضت دوما وبشكل حاسم طرح أي استفتاء على سكان توات وتيديكلت وقورارة والساورة وتندوف وبشار وتبلبلة لتحديد انتمائهم الوطني. كما رفضت الأمر نفسه بخصوص مطالب إجراء استفتاء في منطقة القبائل.
إن الجزائر التي أصبحت ضعيفة دبلوماسيا بعد فشلها أمام مجلس الأمن الدولي، والتي لديها خلافات إقليمية مع مالي والنيجر، وعلى خلاف مع روسيا حليفتها التاريخية، وفي ظل مناخ سياسي يوحي بنهاية مرحلة.. ستجد صعوبة متزايدة في تبرير التقطيعات الترابية التي تمت لصالحها من قِبل استعمار تدينه بأشد العبارات.
المصدر موقع 360

The post إفراج الجزائر عن بوعلام صنصال يفجر ملف الحدود first appeared on صباح أكادير.

