القوى الكبرى تتخلى عن الجزائر وتتجه نحو المغرب

sabah_h0fslo
5 Min Read

قبل ساعات من صدور القرار رقم 2797 عن مجلس الأمن الدولي، الذي كرس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي ونهائي لنزاع الصحراء، قدّم المؤرخ والمفكر الفرنسي برنارد لوغان تحليلاً عميقاً للواقعين المغربي والجزائري، في لقاء بثّته مجلة «كونفلي» (Conflits) المتخصصة في الشؤون الجيوسياسية.

في مداخلته، رسم لوغان صورة متباينة بين دينامية المغرب الاقتصادية والسياسية التي تستند إلى رؤية ملكية بعيدة المدى، وبين التدهور البنيوي في الجزائر التي ما تزال أسيرة الفوضى الاقتصادية والجمود الدبلوماسي.

المؤرخ، صاحب مؤلفات «تاريخ المغرب من الأصول إلى اليوم» و«الصحراء الغربية في عشر أسئلة»، شدّد على أن اللحظة الراهنة تمثل منعطفاً حاسماً في تاريخ المنطقة، خصوصاً بعد أن وضع القرار الأممي الجديد حداً لخمسة عقود من المماطلة حول ملف الصحراء.

الصحراء.. محور العداء الجزائري ومفتاح المستقبل المغربي

يرى برنارد لوغان أن الصحراء المغربية ليست مجرد رقعة جغرافية، بل رمز للسيادة والوحدة الترابية للمملكة، مشيراً إلى أن «الاستعمار هو من بتر المغرب عن أقاليمه الجنوبية ووهبها للجزائر الحديثة».
ويؤكد أن استرجاع الصحراء «يعني استعادة جزء صغير من التراب المغربي التاريخي»، مذكّراً بأن «الغرب الجزائري نفسه كان مغربياً» — وهي حقيقة تاريخية «محرّمة» في الجزائر، يُزجّ بكل من يجرؤ على ذكرها في السجن، كما حدث مع الكاتب بوعلام صونصال.

أما اليوم، فيرى لوغان أن اهتمام الجزائر المفرط بهذا الملف لم يعد مرتبطاً بالحدود بقدر ما هو رهين بالاقتصاد، إذ تشكّل الصحراء بالنسبة للمغرب بوابة لإعادة صياغة الجغرافيا الاقتصادية للمنطقة.
ويضيف أن المشاريع الكبرى، وفي مقدمتها أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، ستعيد توزيع مراكز الثقل الاقتصادي نحو الجنوب، بما يجعل الصحراء محركاً جديداً للتنمية المغربية.

من طنجة إلى أبوجا.. مشروع ملكي يعيد رسم خريطة إفريقيا

يرى المؤرخ الفرنسي أن مشروع أنبوب الغاز الذي أطلقه الملك محمد السادس قبل نحو عقد من الزمن «تحوّل إلى مبادرة استراتيجية استثنائية»، إذ يتيح لدول غرب إفريقيا الارتباط بشبكة موحدة لتصدير مواردها نحو أوروبا عبر المغرب.
ويعتبر لوغان أن هذا المشروع «سيفتح عصراً جديداً من التعاون الإفريقي» يقوم على منطق رابح-رابح، في وقت تغرق فيه الجزائر في نزاعاتها ومشاكلها الداخلية.

وإلى جانب هذه الرؤية الطاقية، أشار الخبير إلى النهضة الصناعية المغربية، حيث أصبحت المملكة تحتضن مصانع سيارات وطائرات، ما يجعلها «نموذجاً صاعداً للاستقرار والازدهار في القارة الإفريقية».

الجزائر.. دولة بلا مشروع تعيش على ريع متآكل

في المقابل، قدّم لوغان تقييماً قاتماً للوضع في الجزائر، التي وصفها بأنها «دولة فقدت مقومات الدولة» وتعيش في تبعية دائمة لعائدات النفط والغاز.
وقال إن الجزائر «لم تعد تنتج شيئاً» وتستورد حتى أبسط المواد الغذائية، مثل مركز الطماطم والكسكس، مشدداً على أن توقف الريع النفطي سيقودها إلى أزمة كارثية.

أما دعمها المستمر لجبهة البوليساريو، فيراه المؤرخ «رهاناً خاسراً»، موضحاً أن هذه الجبهة، التي أنشأتها إسبانيا وتبنتها الجزائر، «تحولت إلى تنظيم مافيوزي يتغلغل في شبكات التهريب والجماعات الجهادية بمنطقة الساحل».
ويضيف أن البوليساريو اليوم «لم تعد ورقة ضغط على المغرب بقدر ما أصبحت عبئاً على الجزائر نفسها».

لوغان ذكّر كذلك بأن مدينة تندوف، التي تحتضن قيادة الجبهة، كانت أرضاً مغربية تاريخياً، مبرزاً أن سكانها رفعوا رايات المغرب عام 1962 قبل أن يتعرضوا لقمع دموي من الجيش الجزائري بتواطؤ فرنسي.

المغرب يتقدّم بثقة.. والجزائر تواجه عزلة متزايدة

يخلص برنارد لوغان إلى أن العالم بات ينظر إلى سيادة المغرب على صحرائه باعتبارها حقيقة راسخة، فيما تغرق الجزائر في عزلة دبلوماسية متنامية.
ويطرح تساؤلاً محورياً: هل ستتحلى القيادة الجزائرية بالشجاعة لطي صفحة الماضي ومدّ اليد نحو المغرب، استجابةً لنداء الملك محمد السادس الذي دعا، عقب قرار مجلس الأمن، إلى فتح صفحة جديدة من الأخوّة وحسن الجوار؟

وبينما يمضي المغرب بثقة نحو المستقبل برؤية إصلاحية ومشاريع استراتيجية عابرة للقارات، ما تزال الجزائر حبيسة خطاب العداء القديم، وأسيرة «وكيل» انفصالي خرج عن سيطرتها.

المصدر موقع 360 بتصرف

The post القوى الكبرى تتخلى عن الجزائر وتتجه نحو المغرب first appeared on صباح أكادير.

Share This Article
لا توجد تعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *