رغم دخول البلاد فترة العطلة الصيفية، رفضت زينب العدوي، الرئيسة الأولى للمجلس الأعلى للحسابات، تعليق مهام التفتيش والمراقبة، حيث أطلقت جولة جديدة من المهام الاستطلاعية شملت عدداً من المجالس الترابية، مع التركيز على ملفات حساسة تتعلق بصفقات النفايات، والتشجير، وتعبيد الطرق، والدعم المالي للمهرجانات، فضلاً عن التحويلات المالية الداخلية.
وفي مطلع الأسبوع الجاري، داهم قضاة المجلس مكاتب رؤساء عدد من الجماعات المحلية، مطالبين بالحصول على وثائق ومعطيات تهم طريقة تدبير المال العام، رغم أن غالبية الرؤساء المعنيين كانوا في عطلة خارج مقار جماعاتهم، ما استدعى التعامل مع الموظفين الإداريين وأعضاء المجالس المتواجدين بعين المكان.
العدوي شددت، خلافاً لما كان عليه الأمر في عهد سلفها، على ضرورة استمرار عمليات الافتحاص دون انقطاع موسمي، وهو ما تزامن مع تقارير جديدة صادرة عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، رصدت خروقات مالية وتدبيرية جسيمة تورط فيها رؤساء جماعات حديثو العهد بالمهمة، بعضها قد يفضي إلى تفعيل المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات، التي تنص على إمكانية عزل الرئيس.
وتوقعت مصادر مطلعة أن يتم رفع ملفات العديد من المسؤولين المحليين إلى محاكم جرائم الأموال مع بداية الدخول السياسي المقبل، في شتنبر، بناء على تقارير مفصلة يُنجزها قضاة المجلس الأعلى للحسابات.
وأظهرت المعاينات الميدانية والافتحاصات المالية غياباً شبه تام للبرمجة التوقعية داخل عدد من الجماعات، حيث تعتمد مصالحها الإدارية بشكل أساسي على سندات الطلب وعقود خدمات آنية، دون دراسة دقيقة للحاجيات أو اعتماد مقاربات استشرافية في تدبير المشاريع.
كما رصد المفتشون حالات إقصاء متعمد لشركات معروفة في قطاع النظافة من الصفقات، مقابل منح الأفضلية لشركات محسوبة على دوائر قريبة من بعض المسؤولين المحليين، مع تسجيل تجاوزات واضحة في طريقة فتح الأظرفة الخاصة بصفقات كبرى متعلقة بتأهيل المدن.
وفي ما يخص تدبير النفقات، بيّنت التحقيقات أن رؤساء جماعات يهيمنون على مختلف مراحل إعداد سندات الطلب، من تحديد الحاجيات إلى إصدار أوامر الأداء، في غياب التنسيق مع الأقسام والمصالح المعنية، وهو ما يشكل خرقاً لقواعد الحكامة الجيدة والتدبير التشاركي المنصوص عليه قانوناً.
كما أظهر الافتحاص احتفاظ عدد من الرؤساء بوثائق متعلقة بنفقات السنة المالية السابقة داخل مكاتبهم الخاصة، تشمل سندات طلب، عقوداً وصفقات، ما اضطر لجان المجلس إلى جمعها للاطلاع والتحقيق بحضور مديري المصالح.
وتعكس هذه الحملة الرقابية الجديدة توجهاً واضحاً من المجلس الأعلى للحسابات نحو تفعيل أكبر لأدواره الدستورية في مراقبة حسن تدبير المال العام، بغض النظر عن الظرفية الزمنية، في سبيل محاربة الاختلالات التي تُمثل أحد أبرز معيقات التنمية المحلية.
The post قضاة الحسابات يقتحمون مكاتب رؤساء في عز الصيف first appeared on صباح أكادير.


