من هي الدول الافريقية التي تنجو من فخ التبعية؟

sabah_h0fslo
4 Min Read

لا تزال القارة الإفريقية رهينة صادرات المواد الأولية، ما يعرقل فرص التنمية ويعرض اقتصاداتها لصدمات خارجية متكررة. وفقًا لأحدث تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن نحو 9 من كل 10 دول إفريقية تعتمد اعتماداً كبيراً على المواد الخام، مما يجعلها الأكثر عرضة في العالم للتقلبات المرتبطة بأسعار السلع الأساسية.

صادرات محدودة ومتقلبة

تُصنف المواد الأولية عادةً إلى ثلاث فئات: الطاقة (النفط، الغاز، الفحم)، المعادن (كالذهب والنحاس والليثيوم)، والمنتجات الفلاحية (مثل الكاكاو والبن والقطن). وتمثل هذه السلع ثلث التجارة العالمية، لكن المشكلة تكمن في أن بعض الدول الإفريقية لا تُصدّر سوى هذه السلع، دون تحويلها أو تصنيعها، مما يقلل من عائداتها ويُبقي اقتصاداتها ضعيفة.

يعرف الاقتصاد بأنه “معتمد على المواد الأولية” عندما تتجاوز هذه الصادرات 60% من إجمالي مبيعاته الخارجية. وبحسب تقرير الأونكتاد (2021-2023)، فإن 95 من أصل 143 دولة نامية تقع ضمن هذا التعريف، تتصدرها الدول الإفريقية.

تفاوت واضح بين دول القارة

على مستوى القارة الإفريقية، تتراوح نسب الاعتماد على المواد الأولية بين:

جنوب السودان: في الصدارة بنسبة 99.5%

تونس: الأقل اعتماداً بنسبة 21.5% فقط

وفيما يلي أقل الدول الإفريقية اعتمادًا على المواد الأولية:

1. تونس (21.5%)

2. المغرب (26.4%)

3. إسواتيني (40.2%)

4. ليسوتو (44.9%)

5. مصر (52.3%)

أما باقي الدول، فتتجاوز فيها النسبة 80%، مع أكثر من نصف القارة تفوق فيها النسبة 90%، ما يُظهر هشاشة التركيبة الاقتصادية.

خريطة التبعية حسب نوع المادة الأولية

الطاقة (النفط والغاز):

ليبيا: 98.6% من الصادرات سلع أولية، 94.6% منها نفط وغاز

الجزائر: 93.7%

غينيا الاستوائية: 92.4%

أنغولا: 91.5%

جنوب السودان: 89.9%

نيجيريا: 89.7%

المعادن:

بوتسوانا: 91.5% (خاصة الماس)

غينيا: 85.2% (الذهب والبوكسيت والماس)

مالي: 84.3% (الذهب)

الكونغو الديمقراطية: 81.5% (الكوبالت والنحاس)

بوركينا فاسو: 80.9% (الذهب)

الفلاحة:

غينيا بيساو: 91.6% (جوز الكاجو والأسماك)

ملاوي: 89.5% (التبغ والشاي والقطن)

إثيوبيا: 70.9% (البن والزهور)

بنين: 68.5%

ساحل العاج: 66.6% (الكاكاو والكاجو)

مخاطر الاعتماد على المواد الخام

هذا النموذج الاقتصادي يجعل الدول الإفريقية رهينة لتقلبات الأسواق العالمية، ويُضعف قدرتها على بناء اقتصادات مستقرة ومنتجة. كما يؤدي إلى:

ضعف التنوع الاقتصادي

تأخر التنمية البشرية

قلة فرص الشغل

اختلال التوازنات الاجتماعية

التبادل التجاري غير المتكافئ

تجارب ناجحة للخروج من دائرة التبعية

رغم هذا الواقع، تمكنت بعض الدول من تقليص اعتمادها على المواد الأولية، وعلى رأسها المغرب. فمنذ التسعينيات، شرعت المملكة في إصلاحات اقتصادية جذريّة، طورت من خلالها قطاعات صناعية ذات قيمة مضافة، مثل:

السيارات (34.5% من إجمالي الصادرات في 2024 بقيمة 16 مليار دولار)

الفلاحة والصناعات الغذائية (9 مليارات)

الفوسفاط ومشتقاته (9 مليارات)

النسيج (4.6 مليار)

الطيران (2.7 مليار)

وفي أفق تنويع أكبر، أعلن المغرب توسيع قاعدة صادراته لتشمل سبعة قطاعات جديدة، منها: بناء السفن، السكك الحديدية، الكيمياء الخضراء، الطاقات المتجددة، الأدوية، الصناعة التقليدية، وفنون الطهي.

مساعٍ للتحول الصناعي في دول أخرى

بعض الدول بدأت تدرك أهمية التحويل المحلي للموارد الطبيعية. ففي قطاع الذهب، أنشأت غانا ومالي وبوركينا فاسو مصافي لتكرير المعدن محليًا. أما في الكاكاو، فقد باشر ساحل العاج خطوات لتحويل جزء كبير من الإنتاج داخليًا.

كما أعلنت دول مثل زامبيا والكونغو الديمقراطية عن خطط لإنتاج البطاريات الكهربائية محليًا من معادنها الاستراتيجية (الكوبالت، الليثيوم). فيما قررت زيمبابوي والغابون حظر تصدير الخامات (الليثيوم والمنغنيز على التوالي) دون تصنيع محلي.

الخلاصة

تُجمع أغلب التقارير على أن الخروج من التبعية للمواد الأولية ليس خياراً، بل ضرورة حتمية. المطلوب هو رؤية استراتيجية واضحة، واستثمار في البنية الصناعية والتعليم، وخلق بيئة استثمارية ملائمة. كما أن إنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية سيكون رافعة قوية لدفع التصنيع والتحويل المحلي، وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع على شعوب القارة.

The post من هي الدول الافريقية التي تنجو من فخ التبعية؟ first appeared on صباح أكادير.

Share This Article
لا توجد تعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *