من السكن إلى التغطية الصحية.. “الوسيط” يكشف اختلالات عميقة في برامج حكومية

sabah_h0fslo
3 Min Read

كشفت مؤسسة الوسيط، في تقريرها السنوي برسم سنة 2024، عن مجموعة من الاختلالات البنيوية التي تطال عدداً من البرامج الاجتماعية التي تراهن عليها الدولة من أجل تقليص الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتوقف التقرير عند شكايات وتظلمات المواطنين المرتبطة ببرامج السكن، والتغطية الصحية، والدعم الاجتماعي، مع دعوة صريحة إلى ضرورة إصلاح حقيقي يعيد الثقة بين المواطن والمؤسسات العمومية.

– اختلالات في برامج السكن: الإقصاء والبيروقراطية

وضع التقرير أصبعه على جرح قديم متجدد، ويتعلق بـ”غياب العدالة في الاستفادة من برامج السكن الاجتماعي”، خاصة في الأوساط الفقيرة والهشة، حيث سجلت المؤسسة عدداً كبيراً من الشكايات المرتبطة بالإقصاء غير المبرر من هذه البرامج.

وأشار التقرير إلى أن المساطر المعتمدة معقدة وغير شفافة، ما يجعل الفئات المستهدفة تعاني من أجل الوصول إلى حقها الدستوري في السكن اللائق. كما انتقد “الوسيط” ضعف التنسيق بين المؤسسات الوصية والجماعات الترابية، مما يؤدي إلى ارتباك في المعالجة وضياع ملفات عدد من المواطنين دون مبررات قانونية واضحة.

– التغطية الصحية: ارتباك في التنزيل وحرمان من العلاج

في الجانب المتعلق بالصحة، أفاد التقرير بوجود خلل واضح في تفعيل نظام التغطية الصحية الإجبارية بعد إدماج المستفيدين السابقين من نظام “راميد” ضمن التأمين الإجباري عن المرض. واعتبر “الوسيط” أن هذا الانتقال تم بشكل ارتجالي دون تأمين البنية الإدارية والتقنية الكفيلة بضمان استمرارية الخدمات الطبية.

وتلقت المؤسسة شكايات من مواطنين تم حرمانهم من الخدمات الصحية بسبب مشاكل في التسجيل أو ضبابية وضعيتهم في قاعدة البيانات. كما رصد التقرير غياب المواكبة اللازمة للمواطنين، خصوصاً في المناطق القروية، وعدم كفاية الموارد البشرية والإدارية لتدبير هذا التحول الاجتماعي الكبير.

– ضعف آليات استقبال الشكايات وتباطؤ الردود

من أبرز ما نبه إليه التقرير، هو أن عدداً من القطاعات الحكومية والإدارات العمومية لا تتفاعل بجدية مع شكايات المواطنين، ولا تلتزم بالآجال القانونية للرد، وهو ما يكرّس الإحباط ويضعف منسوب الثقة في الإدارة.

وبلغة الأرقام، أكد التقرير أن نسبة مهمة من الشكايات التي تلقتها المؤسسة خلال العام، تتعلق بتظلمات تجاه غياب التجاوب أو الاستخفاف بمطالب المواطنين، خصوصاً في قطاعات التعليم والصحة والتعمير.

– دعوة إلى إعادة الثقة عبر الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة

في ختام تقريرها، شددت مؤسسة “الوسيط” على ضرورة تجاوز منطق البرامج الظرفية والانتقال نحو مقاربات مندمجة ومستدامة، قادرة على تحقيق الإنصاف الاجتماعي والمجالي. كما دعت إلى تعزيز آليات الرقابة الداخلية، وفتح قنوات حقيقية للتواصل مع المواطنين، وإشراك المجتمع المدني في مراقبة وتقييم السياسات العمومية.

وأوصى التقرير بضرورة إعادة هيكلة آليات الدعم الاجتماعي، وضمان استهداف فعّال للفئات الهشة، بعيداً عن الحسابات السياسية أو المقاربات الإدارية البيروقراطية.

يبعث تقرير مؤسسة الوسيط لسنة 2024 رسالة قوية إلى مختلف الفاعلين في الدولة: لا يمكن تحقيق التنمية الحقيقية دون احترام كرامة المواطن وضمان ولوجه العادل والمنصف إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية.

وهو ما يتطلب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إرادة سياسية واضحة لتجاوز منطق الوعود إلى منطق الفعل والتغيير.

The post من السكن إلى التغطية الصحية.. “الوسيط” يكشف اختلالات عميقة في برامج حكومية first appeared on صباح أكادير.

Share This Article
لا توجد تعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *